عدد الرسائل : 93 العمر : 31 الموقع : ayman kassbi تاريخ التسجيل : 26/12/2007
موضوع: العنف الاسري الثلاثاء يناير 01, 2008 3:05 pm
ان ظاهرة العنف الاسري ، التي كانت تعتبر " طابو " اجتماعي وشئ ينظر اليه انه شأن داخلي ، ومن المواضيع المسكوت عنها اصبحت في ظل التطور الحضاري مسألة مكشوفة وموضوعة على طاولة البحث والتدقيق والمسائلة والادانة ، بحيث انها في العقد الاخير من القرن العشرين ، اضحت اهم المسائل التي انيط عنها اللثام ، وزعزعت سلطتها التي تخفي وراءها مجموعة من الممارسات اللاانسانية . ذلك ان عبارة " العنف الاسري " تحمل في طياتها تناقضا في الدلالة والمعنى ، فالاسرة ترتبط عادة بمعاني المحبة والمودة وليس بالعنف والصراع . فالعنف الاسري يشكل خطورة كبيرة على حياة الفرد والمجتمع ، فهو من جهة يصيب الخلية الاولى في المجتمع بالخلل ، مما يعيقها عن اداء وظائفها الاجتماعية والتربوية الاساسية في احسن الاحوال وافضل الظروف ، وهو من جهة ثانية يساعد على اعادة انتاج انماط السلوك والعلاقات الغير السوية بين افراد الاسرة ، هذا يستوجب الاهتمام العلمي بهذه الظاهرة ، لتحليل ووصف اسبابها والياتها . وعلى الرغم من تعدد اشكال العنف الاسري بتعدد الاطراف المكونة للعلاقات الاسرية ، فان الاهتمام كثيرا ما ركز على الطفل والمراة نظرا لطبيعة الصلة التي تحكم علاقة الرجل بهما ، سواء داخل الاسرة او في المجتمع بشكل عام . مفهوم العنف الاسري : من الصعب تحديد مفهوم العنف الاسري تحديدا دقيقا ، غير انه يمكن القول بانه هو العنف الموجه لواحد او اكثر من افراد الاسرة ذاتها او احد منها ، او بعبارة اخلى هو كل اشكال السلوك العدواني الذي تترتب عنه علاقات قوة غير متكافئة داخل المحيط الاسري . السياق الدولي للظاهرة : بتاريخ 17 دجنبر 1999 ، اعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة بواسطة القرار رقم 54/134 ، يوم 25 نونبر من كل سنة ، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المراة ، كما دعت بنفس القرار الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم نشاطات معدة خصيصا لزيادة الوعي بالمشكلة في ذلك اليوم . وبالاضافة الى ما ذكر اعلاه ، واعتبارا للدور الهام الذي قامت به الحركة النسائية عبر العالم في الكشف عن هذه الظاهرة والتي تعد النتهاكا لحقوق الانسان ، يمكن الاشارة الى خطط العمل لكل المؤتمرات التي عقدت في التسعينات ومحطاتها التقنييمية في هذا المجال . لعنف الاسري في العالم العربي : يعتبر العنف الاسري ظاهرة غريبة وجديدة على مجتمعاتنا العربية ، طرقت ابوابنا في الاونه الاخيرة بشدة ، وذلك ناتج لما اعترى وظيفة التنشئة الاجتماعية في النظام الاسري من تغيرات نشات كظواهر سلبية للحضارة الحديثة ، ويكمن مصدر الخطر في ظاهرة العنف الاسري في انها مؤشر لفشل عملية التنشئة الاجتماعية التي تعد من بين العمليات الرئيسية التي تحافظ على بناء المجتمع وامنة . ومما لاشك فيه ، فان العنف الاسري وخاصة العنف ضد النشاء يشكل ذروة الضعف والعجز عن التواصل والعدوانية واللا انسانية التي يمكن ان يقوم بها البشر ، لانها تسير في الاتجاه المعاكس لما يجب ان يحظى به الانسان من كرامة ، وما يجب ان يتصف به من عفة ، سواء في التصرف او التعامل . لكن بالرغم من اهتمام النصوص الدولية لحقوق الانسان بموضوع العنف الاسري ، وبالرغم من مصادقة معظم الدول العربية على هذه النصوص ، وبالرغم من النضالات والاعترافات والمفاهيم الجديدة ، الا ان العنف الاسري في المجتمعات العربية ما يزال حاضرا في الحياة اليومية ، بكل اشكالة وانواعة وفي كل المجالات والامكنة . وعلى الرغم من ان هذه الظاهرة منتشرة ومعروفة في كل المجتمعات المتقدمة منها والمختلفة ، فان الاحصائيات الدقيقة لحجم انتشارها في العالم العربي غير معروفة ، لما ينتابها من تستر ورغبة في عدم الافشاء احيانا على اعتبار ان الخلافات الاسرية وخباياها الحميمة لا ينبغي " في نظر البعض " ان تفشى ، او مخافة التعرض للمزيد من العنف بعد التشهير واعلانة . اسباب العنف الاسري : هناك سببين رئيسيين : اسباب عامة واخرى خاصة . الاسباب العامة : تعقد الحياة العصرية . تغير العلاقات الاجتماعة. طغيان المادة والروح الاستهلاكية على العلاقات في نمط الحياة . الاسباب الخاصة : ضعف الضبط الاسري ( تخلي الاسرة عن دورها ) تغير شكل الاسرة ( من الاسرة الممتدة الى النواة) التفكك الاسري . مفاهيم ومظاهر العنف الاسري : يعتبر العنف عموما ظاهرة من ظواهر الحياة المعاصرة التي تعج بالمشكلات والصعوبات والاحباطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية ، مما يؤدي الى القلق والتوتر ومن ثم الى العنف .
تصورات الباحثين حول مفهوم العنف :
من المنظور النفسي : هناك من علماء النفس ، وخاصة اتباع مدرسة التحليل النفسي ، من يعتبر العنف نوعا من ردود الفعل الطبيعية على اساس ان هناك علاقة ارتباط بين العنف والغرائز الدنيا لدى الفرد ، ويتدلون على ذلك من وجود مؤشرات للعنف لدى الاطفال وحتى الرضع منهم . من المنظور الاجتماعي : يعتبر العنف ظاهرة اجتماعية تتكون من عدد من الافعال التي يقوم بها مجموعة من الافراد في اطار معين مدفوعين بانفعالات معينة ، ملحقين الاذى بالاخرين من اجل تحقيق مصلحة معنوية او مادية .
ومن المنظور الاجتماعية ياتي المنظور القانوني الذي يعرف العنف على انه الاستعمال غير القانوين لوسائل ابتغاء تحقيق غايات شخصية او جماعية . هكذا يتجه عدد من علماء الاجتماع الى الاهتمام بدراسة القيم، على اعتبار انها تعد تعبيرا عن التنظيم الاجتماعي . فالعنف الاسري يمكن ان يشمل كافة افراد الاسرة : 1. الزوج او الزوجة : فالزوج يمارس العنف ضد الزوجة باعتبار ذلك نوعا من العقوبة لخروجها على نظام الاسرة ، وقد تمارس الزوجة العنف ضد الزوج بسبب فعل يمسها . 2. الوالدين او احدهما مع الابناء . 3. الابناء ضد الاباء . 4. الابناء فيما بينهم . ومن طبيعة العلاقات الاجتماعية ، انها تتضمن بدرجة او باخرى بعض الاختلافات في التوجهات والرؤى بسبب الاختلافات الفردية . وطالما وجدت الاختلافات ، فان احتمالات العنف قائمة ، ومن هنا فان الوقاية من العنف لا تعني منعه نهائيا ، بل تعني حصره في اضيق نطاق ، وارتباطا بهذه الفكرة ، تثار مسالة اخرى وهي درجة العنف ، ومن هذا المنظور ، فان الوقاية من العنف تعني خفض هذه الدرجة الى الادنى . نحو فهم افضل للمقصود بالوقاية من العنف الاسري : هل الوقاية من العنف الاسري تعني منع حدوثة : ان العنف هو سلوك ، والعنف الاسري يتخذ اشكالا سلوكية متعددة لكنها تتدرج تحت فئتين رئيسيتين : الاولى تشمل الافعال والثانية تشمل الالفاظ الجارحة ، ومن طبيعة العلاقات الاجتماعية انها تتضمن بدرجة او باخرى بعض الاختلافات في التوجيهات والرؤى بسبب الاختلافات الفردية ، فليس هناك شخصان متطابقان تمام التطابق في الخبرات والمكونات الثقافية والاجتماعية . ولارساء قواعد راسخة لتحليل العنف الاسري وترسيخ الوعي الاجتماعي للوقاية منه ، وعلى ضوء ادبيات علم لاجتماع العائلي يمكن صياغة المعادلة التالية : العنف الاسري = التكرار + الطريقة + الدرجة + العدد + الشخصيات + الموضوع + الظروف . التكرار : هو معدل تكرار حدوث العنف خلال فترة زمنية معينة . الطريقة : هي طريقة التعبير عن العنف ، او الشكل الذي يتخذه العنف . الدرجة : هي مدى الشدة في التعبير عن العنف . الشخصيات : يقصد به السياق الذي حدث فيه العنف. الموضوع : يقصد به المسالة او القضية التي بسببها حدث العنف . الظروف : يقصد به السياق الذي حدث فيه العنف . لقد درج العلماء الاجتماعيون على دراسة وتحليل العنف الاسري من جوانب مختلفة . ومن المنظور العلمي الحديث ، فان الشخص بامكانة ان يسيطر على سلوكه، وتؤكد ذلك العديد من النظريات المستمدة من عدة دراسات ، فهو يتمتلك العقل والارادة في توجيه سلوكة نحو وجهة معينة. الوقاية من العنف الاسري : ان الوقاية من العنف الاسري يتضمن جانبين اساسيين : تقليل المواقف الاسرية التي يظهر فيها العنف . تخفيض درجة التعبير عن العنف . وبالنسبة للجانب الاول ، هناك قاعدة متعارف عليها في العلوم الاجتماعية ، وهي ان الصفر المطلق ليس له وجود عند قياس الظواهر الاجتماعية ، هذه القاعدة تتطبق على العنف الاسري والعلاقات الاجتماعية عموما. كيف يمكن ضبط المكونات المؤدية الى العنف الاسري وبالتالي الوقاية من هذا العنف ؟ ان الوقاية من العنف الاسري تكون من خلال استراتيجيتين متفاعلتين هما : 1. ضبط السلوك . 2. التزام افراد الاسرة بمبدا الحق الواجب. ضبط السلوك : عندما نقول ضبط السلوك ، فان المقصود بذلك هو ان يسيطر الشخص على سلوكة ، هذا السلوك يشمل كل الانشطة الظاهرة التي يقوم بها الشخص ، وتسمى الافعال . ومن المنظور العلمي الحديث ، فان الشخص بامكانه ان يسيطر على سلوكه ، وتؤكد ذلك العديد من النظريات المستمدة من دراسات حديثة . الالتزام بمبدا الحق الواجب : انه ضبط السلوك في اتجاه الالتزام بالحقوق والواجبات الاسرية ، فكل فرد من افراد الاسرة عليه واجبات لا بد ان يقوم بها اتجاه بقية الافراد ، كما ان له حقوقا عليهم . هكذا يتأكد بان العنف الاسري ظاهرة متعددة المكونات ، وللوقاية منه لا بد ان يضبط افراد الاسرة سلوكهم صوب وجهة معينة هي التزام كل منهم بواجباته وحقوقه اتجاه بقية الافراد . اتمنى ان ينال اعجابكم